الانحيازات المعرفية وتأثيرها على اتخاذ القرار: من الفلسفة إلى الاقتصاد السلوكي
Summary
# الانحيازات المعرفية وتأثيرها على اتخاذ القرار: من الفلسفة إلى الاقتصاد السلوكي
### مقدمة
في هذه الحلقة من برنامج "رحلة في الذاكرة" استضاف الدكتور إيفان خواف للحديث عن موضوع شائع ومهم: **الانحيازات المعرفية** وكيف تؤثر على تفكيرنا واتخاذ قراراتنا اليومية والاقتصادية.
### تاريخ ظهور مفهوم الانحياز المعرفي
- **القرن العشرين**: كان الاقتصاد السلوكي في بدايته مهملًا لدراسة التصورات النفسية؛ كان يُفترض أن الإنسان عقلاني تمامًا (نظرية الاختيار العقلاني).
- **الخمسينيات والستينيات**: ظهور علم النفس المعرفي وأول الدراسات التي أظهرت أن البشر يتصرفون غالبًا باندفاع عاطفي وليس بعقلانية.
- **سبعينيات القرن الماضي**: الباحثان الإسرائيليان دانييل كانيمان وأموس تفيرس (عامو سارسكي) وضعا أسسًا نظرية للانحيازات المعرفية ضمن الاقتصاد السلوكي.
### نظريتا التفكير السريع والبطيء
- **النظام الأول (التفكير السريع)**: يُعرف بالحدث المهني أو الاستكشافي؛ يعتمد على الحدس ويُتخذ القرار دون وزن جميع الحجج. مثال: اختيار وجبة في مطعم بسرعة لتجنب إطالة الانتظار.
- **النظام الثاني (التفكير البطيء)**: عملية تحليلية تتطلب وقتًا وجهدًا ذهنيًا؛ تُحسب جميع البدائل وتُستنتج النتيجة وفقًا للمنطق الشكلي. لكنه يستهلك طاقة دماغية أكبر.
- **تكلفة الطاقة**: التفكير البطيء يستهلك سعرات حرارية أكثر، لذا يميل الدماغ إلى الاعتماد على التفكير السريع لتوفير الطاقة.
### أمثلة تطبيقية على الانحيازات المعرفية
- **انحياز الثقة المفرطة**: يظن الفرد أنه أفضل من المتوسط في مهاراته، ما قد يؤدي إلى حوادث سير أو قرارات عمل غير مدروسة.
- **انحياز الفائدة الذاتية**: يميل الشخص إلى إضفاء أهمية زائدة على إنجازاته وتبرير الفشل بظروف خارجية.
- **انحياز المعلومات الزائدة**: في عصر المعلومات الضخم، يصبح من الصعب على الدماغ معالجة كل البيانات، ما يفضي إلى اختيارات سريعة وغير دقيقة.
### دور الاقتصاد السلوكي في فهم الانحيازات
- دمج المنطق الشكلي مع علم النفس المعرفي لتفسير سلوك المستهلكين وصانعي القرار.
- توضيح أن **الانحيازات ليست أخطاءً مطلقة**؛ في بعض السياقات قد تكون مفيدة (مثلاً تعزيز الثقة في بيئات العمل الجماعي).
- إظهار أن عدد الانحيازات قد يصل إلى 150‑300 نوعًا مختلفًا، مما يستدعي تطوير أدوات قياس وإدارة.
### انتقادات وتحديات
- بعض الباحثين (مثل جيرد جينس) يرون أن الانحيازات ليست خللاً دائمًا بل آلية تكيفية لا تخضع دائمًا للمنطق الشكلي.
- جدل حول الاعتماد الكلي على المنطق الشكلي ونظرية الاحتمالات في تفسير السلوك البشري؛ فالتفكير ما قبل المنطقي أو الجدلي قد يفسر سلوكيات أخرى.
- الحاجة إلى **نظام ضوابط وتوازنات** جماعي لتقليل تأثير الانحيازات الفردية في اتخاذ القرارات الحساسة (قضاة، رؤساء شركات، سياسات عامة).
### خلاصة العملية التعليمية
- اقتراح إدراج موضوع الانحيازات المعرفية في المناهج الدراسية لتطوير التفكير النقدي.
- تعزيز الوعي بالانحيازات يساعد الأفراد على **تجنب الأخطاء** وتحسين جودة القرارات في الحياة اليومية والعمل.
### الخاتمة
تُظهر الحلقة أن الانحيازات المعرفية هي جزء لا يتجزأ من طبيعة التفكير البشري، وأن فهمها وتوجيهها يمكن أن يحسن من جودة اتخاذ القرار على المستويات الفردية والجماعية.
الانحيازات المعرفية ليست مجرد أخطاء عشوائية، بل هي آليات تكيفية تؤثر على كل قرار نتخذه؛ لذا فإن الوعي بها وتطبيق أساليب التفكير النقدي يساهمان في تحسين جودة قراراتنا الشخصية والمهنية.