الصفقة الإسرائيلية ومأزق المياه في إيران: تحليل شامل

Summary Date:

3 min read

Summary

الصفقة الإسرائيلية ومأزق المياه في إيران: تحليل شامل

مقدمة

في أغسطس 2025 ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً موجهًا إلى الشعب الإيراني، عارضًا صفقة تبدو غريبة: إذا نجح الإيرانيون في الإطاحة بالنظام الحالي، ستقدم إسرائيل خبراتها التقنية لمساعدة إيران في حل إحدى أخطر مشكلاتها – نقص المياه.

خلفية تاريخية للأزمة المائية في إيران

  • حرب إيران-العراق (1980‑1988): تركت الحرب دمارًا هائلًا للبلاد، ما استلزم جهودًا هائلة لإعادة الإعمار.
  • إنشاء شركات بناء مرتبطة بالحرس الثوري: تأسست شركة "مقر خاتم الأنبياء" (ديسمبر 1989) وشركة "سيباساد" (1992) لتنفذ مشاريع السدود والبنية التحتية.
  • مشاريع السدود المتسارعة: تم افتتاح سد جديد كل 45 يومًا دون دراسة كافية لتأثيراته البيئية، ما أدى إلى مشاكل مستمرة في إدارة الموارد المائية.

أسباب تفاقم نقص المياه

  1. الموقع الجغرافي: 90% من مساحة إيران تقع في مناطق قاحلة أو شبه قاحلة؛ تقع على حزام الجفاف العالمي.
  2. الاستخدام الزراعي غير المستدام: 12% فقط من مساحة الأرض مزروعة، لكنها تستهلك 93% من إجمالي استهلاك المياه.
  3. الاعتماد على الري بالغمر: معظم المزارعين يستخدمون طرق الري التقليدية بدلاً من تقنيات الري الحديثة، ما يضاعف هدر المياه.
  4. الاستخراج الجوفي المفرط: أكثر من مليون بئر غير مرخصة؛ استنزاف طبقات المياه الجوفية يسبب هبوطًا أرضيًا واسع النطاق (مثال: إصفهان).
  5. النمو السكاني: ارتفع عدد السكان من 38.4 مليون في 1979 إلى أكثر من 90 مليون حاليًا، بينما انخفض مخزون المياه المتجددة من 135 مليار م³ إلى نحو 90 مليار م³.
  6. التغير المناخي: انخفاض هطول الأمطار بنسبة 86% على مستوى إيران و96% في طهران منذ 2020، مع ارتفاع درجات الحرارة.

آثار النقص المائي

  • انخفاض مستويات السدود: السدود الخمسة التي تغذي طهران (كراج، لاتيان، لار، ماملو، طلقان) ممتلئة بنسبة لا تتجاوز 11% من سعتها.
  • هبوط أرضي واسع: أكثر من 500 من 609 سهل في إيران متأثرين، مع تهديد للمنشآت الحيوية (مدارس، مستشفيات، مساجد) في إصفهان.
  • تحول بحيرة أروميا إلى صحراء شبه جافة.
  • فقدان الأمن الغذائي: رغم هدف الحكومة لتحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 85% من الغذاء، فإن نقص المياه يهدد هذا الهدف.

محاولات التخفيف

  • ترشيد استهلاك المياه: حملات توعية للمواطنين للحد من الهدر.
  • تلقيح السحب: في 15 نوفمبر 2025 تم رش مواد كيميائية (فضة) على سحب فوق حوض بحيرة أروميا، مما أدى إلى هطول أمطار مؤقتة، لكنه لم يكن حلاً دائمًا بسبب التكلفة والاعتماد على ظروف مناخية ملائمة.
  • نقل العاصمة: اقتراح الرئيس بزشكيان بنقل العاصمة من طهران إلى منطقة مكران على الساحل الجنوبي حيث الموارد المائية أفضل، لكنه لا يزال في مرحلة الدراسة.

تحليل الصفقة الإسرائيلية

  • النية السياسية: نتنياهو استخدم أزمة المياه كوسيلة للضغط على النظام الإيراني، مع وعد بالمساعدة التقنية إذا نجح الشعب في الإطاحة به.
  • الواقعية: رغم خبرة إسرائيل في تقنيات المياه، فإن حل الأزمة يتطلب إصلاحات هيكلية عميقة في إدارة الموارد، لا يمكن تحقيقها فقط عبر دعم خارجي.
  • المخاطر: الاعتماد على صفقة كهذه قد يعمق الانقسام الداخلي ويزيد من توتر العلاقات الإقليمية.

الخلاصة

نقص المياه في إيران ليس مجرد مشكلة بيئية، بل هو عامل رئيسي يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. الحلول المطلوبة تحتاج إلى سياسات شاملة لإدارة الموارد، تحسين تقنيات الري، تقليل الاعتماد على الاستخراج الجوفي، وتكييف الزراعة مع الواقع المناخي المتغير. أي تدخل خارجي، مهما كان نواياه حسنة، لا يمكن أن يحل جذور الأزمة دون إصلاحات داخلية مستدامة.

الماء هو التحدي الأكبر لإيران اليوم؛ فبدون معالجة جذرية لإدارة الموارد المائية وإصلاح قطاع الزراعة، ستستمر الأزمة في تقويض الأمن الغذائي والاستقرار السياسي، مهما كانت العروض الدولية أو الصفقات المؤقتة.